السبت، 28 أغسطس 2010

تأملات انسان

وانا في صدد قراءة كتاب" الرحلة الاصعب" او السيرة الذاتية للشاعرة الفلسطينية فدوى طوقان توقفت لحظة ،فسرح بي خيالي وتاه داخل متاهات تأملية فاقت حدود المكان والزمان.
حملتني مشاعر القومية الفلسطينية التي تصفها فدوى بكل اخلاص وما يقابلها من عدوانية وكراهية اسرائيلية، حملتني قوة تلك المشاعر الى ان اتأمل احوال الناس ، احوال البشرية فيما مضى والى وقتنا هذا ، فوجدت للاسف ان الانسان اخطر المخلوقات على وجه الارض ! اجل اخطر من الديناصورات ومن الفيلة والاسود والأفاعي ! هو فعلا اخطر من كل ذلك فاحترسوا منه .
النفس البشرية حمقاء وطائشة ، لا تأبه الا لل"أنا" وهذا حالنا جميعا ـالا من رحم ربي ـ دائما وابدا وعلى مر العصور ! بدء ا بسيدنا آدم الذي اخطأ وتاب فغفر له ربه ،مرورا بسيدنا موسى الذي قتل نفسا فتاب عنه الله وغفر له وختاما بنا نحن اليوم في القرن الواحد والعشرين ، في زمن الخلافات والأنانية بامتياز !

فأما الغرب بحضارته الشامخة وتفوقه في شتى مجالات الحياة ، فإنه شعب أناني من المستوى الرفيع ، رغم كل ما يقال عنهم وعن اهتمامهم بالآخرفالحق ان ذلك لا يخص منهم الا قليلين والباقون لا يعرفون اين تقع مدينة "اسلاماباد" ولا حتى "دمشق" ! وهذا ليس افتراء عليهم بل واقع عشته ذات يوم لما كنت في الثانوية العامة هنا بفرنسا داخل قاعة التاريخ والجغرافيا : كنا نناقش موضوع الرسوم المسيئة للرسول الكريم محمد عليه الصلاة والسلام ، وكانت الأستاذة قد احضرت معها بعض الصور التي وجدتها داخل مواقع الكترونية حول مختلف المظاهرات التي انتفضت داخل جميع دول العالم وداخل العالم الاسلامي خصوصا ، وحتى لا يكون استعراض الصور امرا مملا ولا فائدة منه طلبت منا الأستاذة ان نخبرها بأسماء البلدان المعنية بعد ان تذكر لنا اسم العاصمة او المدينة التي اخذت بها الصورة ، فكان الكل يجيب بصوت واحد عند ذكر عاصمة غربية او مغاربية ، لكن سرعان ما ينفرد صوتي لوحده عند ذكر عاصمة اسلامية ك"اسلاماباد" وكأنها تقع في كوكب آخر غير الذي يعيشون فيه !

أما الامة المحمدية فلم يتبقى منها غير انتماءها لشريعة محمد اما كلمة "أمة" فلم يعد لها صلة تربطها بنا وهذا من وجهة نظري ! والسبب في ذلك ان الحدود حالت بيننا وبين الأمة وصار كل منا داخل دائرة حياته يحسب ماله ويمشي في الأرض فرحا ! فاختل
فنا في لهجاتنا وثقافتنا ومنهاج حياتنا بل حتى في ديننا ! بعد ان كان لنا تاريخ واحد ممجد عنوانه : الحب والسلام. أين نحن من ذلك اليوم وقد صرنا لا نهتم للآخر الا لنسخر منه ونتهكم عليه أما فيما دون ذلك فالشعار واضح:" كل له مشاكله الخاصة ونحن لسنا ممن يقتحم شؤون الآخرين" .
ولا تحسبوا الامة اليهودية افضل منا في شيء فرغم سيطرتهم على العالم فانهم معتدون وخصوصا منهم بني صهيون الذين وكما تقول عنهم فدوى طوقان لا زالوا يعيشون لفكرة واحدة :" فكرة ارض اسرائيل التوراتية ، تلك ال
فكرة الميتافيزيقية التي يعتنقها الصهيوني المعاصر المتقمص لشخصية اليهودي في التوراة الذي ـ يدمر ويحرق وينهب ويحب السيطرة ويشعر بالتفوق والاصطفاء ـ "، ومن يقرأ قصائد لشعراء صهاينة مثل "ايشلوم كور " الذي يقول في احداهن :
" اننا يجب ان نقاتل
ان نقتل
كل الذين يبحثون عن وطن لهم
يجب ان نقتل
حتى يكون لنا وطن
من النهر الى النهر"
من يقرأ مثل هذا يدرك حقيقة الكره والحقد الذي زرع في قلوبهم والذي نضج اليوم في وجدان الشعب الصهيوني كله .

وهنا السؤال الذي طرح في ذهني : أليس من الممكن ان يكون العالم افضل مما هو عليه الآن؟
أمن المستحيل ان نتعايش بسلام كما كان الحال في ازمنة مضت ؟

الحقيقة واحدة ، بينة وواضحة ، منا من ادركها فاستسلم ورضخ لها وزكى نفسه ومنا من حجبت عنه و
عميت له البصيرة وغلف على قلبه وآخرون منا يعلمون حق المعرفة اين الحق واين الباطل ، لكن نفوسهم من الكبر تعالت فاعرضت عن الحق.

ختام الكلام ان الله عز وجل قادر على ان يهدينا جميعا لو شاء وهو فعال لما يريد ، لكنه آثر ان يهدي من يشاء ويضل من يشاء وما نحن بقادرين على هداية من حولنا ولو احببنا ذلك .

اسأل الله ان يجعلنا ممن هدى واهتدى الى سبيل الرشد .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق