الجمعة، 16 مايو 2014

فقط... للتذكير


لو سألت أي إنسان عن أهم  الركائز في حياته والتي لا يستطيع أن يعيش بعيدا عنها لوجدته يذكر لك ثلة من الأشخاص المقربين له سواء قرابة دم أو قرابة إنسانية صنعتها عشرة السنين، وبعد ذلك مباشرة سيتكلم عن أشياء محيطة به سواء مادية أو روحية متعلقة بالظرف والمكان، وكلنا بشر نتعلق بالناس ونتعلق بأشيائنا وما تعودنا على رؤيته والتنعم بريحته ونحس أننا لا نكون فعلا نحن بمعنى الكلمة إلا ونحن في ذلك المحيط بالذات بكل مكوناته عموماً.
وبعد هذه المقدمة التي لا يختلف عليها ذوو عقل، فلندخل في صلب الموضوع ولنتصور جميعاً أن أحدا يتهجم عليك بكل طغيان ودون أدنى حق، فيقتل أقربائك وأحبابك ثم يقرر أن يقتلعك من محيطك أي من بيتك، و حيك و مدينتك بل وبلدك كله، فيطردك خارج الحدود ويهجرك غصبا عنك، ويدمر كل أشيائك ويمسح كل أثرك ويستولي على ذلك كله ويرميك خارجا بلا مأوى و بلا حماية، ويصعقك بقوله "هذه أرضي وليست أرضك" 
تصور هذا كله، واعتبر أن كل هذا يحصل معك ولا أحد يهب لمساعدتك وأن لا حول لك ولا قوة، مجروح البدن والروح، مسلوب الحق والأرض والأهل والممتلكات، تزحف من موطنك باحثا عن أرض أخرى تأويك لعلك تهدأ فتفكر فيما يحدث معك، فتستفيق من صدمتك...تلك هي النكبة! 
هكذا أصورها من منظور إنساني بحث دون الدخول في تفاصيل الواقعة ومعناها السياسي والديني، فقط ليدرك كل ذي عقل ما الذي حصل ببساطة ويستشعر قمة الوجع قبل أن تعمي بصيرته الصورة الحالية والتي تجردت عند الكثيرين من أصل الحكاية وأولوها بما لا صلة له بالموضوع البتة، وصاروا يجرمون الضحية ويتآمرون على المدافع عنها ويرتدون عذر الدفاع عن النفس بوقاحة لا منتهية..! 
بالنسبة لي فلسطين تعني الكثير دينيا وتاريخيا وكجزء من كيان أعتبر نفسي خلية منه، ولكن كإنسانة فالفلسطيني المهجر أخي، وأعتقد أني مقربة إليه بحكم روابط تجربة اغتراب أستطيع من خلالها تذوق جزء من مرارة ما عاشه ويعيشه الفلسطيني المبعد عن دياره قهراً، فكوني مغتربة عن بلدي الأم أعرف تماما ما يعنيه أن تعيش مدة مطولة بعيداً عن كل ما تحبه وتشتهي أن ترجع إليه أكثر من أي شيء آخر، وتشعر بكيانك يتسمم من حر ذلك الشوق الدفين، تحاول أن تتعايش مع حاضرك الذي فرض عليك طبعاً، لكن الدمعة لا تزال عالقة بعينك كلما ذكرت بلادك على مسمعك، تفرح كلما لقيت مهجرا آخر مثلك كأن وجوده يخيل إليك أنك لست وحدك في محيط ليس يشبهك وأنك معه قد تسترجع شيئا ولو قليلا مما تحن إليه، وفي داخلك يزيد الألم كلما زاد يكبر عدد السنين التي تمضي على النكبة ولا شيء يتغير، ولا أمل يزور أفق مبتغاك الأول والأخير، ثم دون أن تستسلم لأن ذلك ليس أبدا من شيمك ولأنك على كل حال لن تكون أسعد لو سلمت الأمر لما هو عليه، فتحاول أن تبقي الذكرى في أذهان الجيل الجديد الذي لم يعرف فلسطين إلا فيك وأيضا في كل مساحات الإنسانية التي تستقبل كلمتك كبرهان خالد عن أكبر جريمة إنسانية ارتكبت منذ عقود ولا زال مرتكبوها في سلام آمنين لا من يسائلهم ولا من يحاسبهم.. بل إنهم لا زالوا يجرمون والله يرى ويشهد، ولن يسلم ظالم من عقاب ولو بعد حين.
وفي الأخير لا يغيب عن بال مسلم أن فلسطين ليست كأي أرض، ومكانتها عند كل مؤمن بعقيدة الإسلام لا تسمو إليها تلك التي يدعيها غاصبوها وأهلها أحق بها من قوم لا يقيمون العدل ويحسبون أنفسهم ملوك الأرض، فالقضية كما يعلم كل ذي حكمة لم تكن يوماً قضية سياسة ولو شبه لذلك، وإنما هي قضية عقيدة فالذي لا يتواضع لله وينشر جبروته في الأرض ولا هو يقيم شرع الله ولا هو يستقيم لقوانين بشرية ويستعلي بنفسه فوق كل شيء، لا عجب أن يكون كاذبا مفسدا لا ذي حق كما يدعي، والتاريخ لن ينسى فهنا فقط مجرد...تذكير، فقط لا أكثر، والكل يعلم لكن لعل البعض ينسى.
وعلى سبيل الحب لا ننسى فإن مواجعنا ما عادت ترثي فلسطين وحدها، إن قلب حضارة الإسلام كلها معلول من بغداد إلى الشام وأرض الكنانة، عجل الله لنا بالفرج.

الخميس، 15 مايو 2014

وكأنك يا زيد ما غزيت

ولم أعلم أنك بالهوى هلاك 
وأن الصب قد يأتي بالإفك
وأن أصدق الحديث فيه شك 
حتى رأيت تلك الفعال منك 
فما الذي رماني إليك 
وقد صددت بابي عنك 
وسموت بفؤادي احتراسا منك 
ثم سئمت مني وسرتُ إليك 
وقلت في نفسي إنك ملك 
لي بعد أن بعتني كل سرك 
ففتحت بابي وقلت لا إمساك
وهممت بالدعاء لك آنذاك
وعددت فضائلك ومحاسنك 
واصطنعت عندي مقاما لك 
وغفوت على حكايتي تلك 
فإذا بك ذاك الصباح تفتك 
بها وبي وأنت لها تحبك 
عذب القصيد ورميتنا وراءك 
فأي هوى كان وأي باطل ذاك
أفرأيت لو كنت مكانك 
لما استكثرت أن أستعفيك 
وما كسرتك بالخبر صكا
ويح لك..
ما رأيت بعد ذلك إلا المغادرة
تخلت الريح عن السفينة 
فقادها الموج صوب اليابسة 
فلعلها هناك تجد السكينة 
وليهنأ شن.. بطبقة 

الخميس، 8 مايو 2014

كيف نبتسم؟


أخاف أخاف أن لا يبقى هناك سبب للبسمة يا صغيرتي، قد مضى من العمر الكثير وقد كنا نعيش كأننا نسينا أو كنا نتناسى، لم يكسر أحد حاجز الصمت من قبل وكان الكل يعلم أن هناك شيئاً خاطئاً في الوضع بل هي أشياء كثيرة تعايشنا معها ولم نفكر يوماً أن نعارض أو نقول عاليا ما تكبته أنفاسنا.
أحيانا اعتقدت أننا فعلا صرنا متحدين نشبه بعضنا في كل شيء، نتحدث بنفس اللسان ونأكل من ذات الطعام، ونجابه نفس المشكلات، أفراحنا واحدة، كنيسة ومسجد وتاريخ يجمعنا تحت ظله، حتى المذاهب لم نكن نعرف لها وجوداً في واقعنا، فقط نشاهدها في المسلسلات ونسمع عنها في تلك النقاشات الحامية التي تبثها برامج السياسة التعيسة، كان كل شيء كأنه عادي...تقريبا. 
وكلما زاد الوعي، ظهرت تلك الحقائق وبدا كل شيء واضحاً، نحن شعب متعدد الأعراق والأجناس والأديان والمذاهب، ولا ندري حقا ما الذي يجمعنا، أهو الوطن؟
أي وطن ؟!
كيف نسميه ، أي صورة نعطيه، أي لون نهديه؟
ثم نرجع فنسأل: ما نحن؟ 
أي شيء يميزنا ؟ كيف نعرف بأنفسنا؟ 
وهناك...بدأت الحرب! 
وعلمنا أننا إن لم نسرع بإدراك الجواب فهناك من سيتفرغ لذلك ويخبرنا كيف يرانا، وسوف نضطر لنختار أي الأطراف تشبهنا وقد لا يمنحوننا فرصة الإختيار، من الممكن جدا أن يمسحونا من الوجود...كإجابة قاسية على السؤال : ما نحن؟ 
صار العالم يتحدث عن الكرامة والحرية ومقامات فلسفية لا يفقهها السلاح والدم، يعتقدون أن من يفتح عينيه على عالم لا يعرف كيف يسميه ولا موقعه منه، سيتلقى شعارات الحرية ببساطة وهو محكوم عليه منذ أزمان أن لا يفكر ولا يقع في مستنقعات الفلسلفة والفكر، يريدون أن ننسلخ من عصمة الجلاد وهو يحمل فوق أعناقنا سيفه.
لم يعد هناك سبب حقيقي لنبتسم يا صغيرتي، فنحن كنا نبتسم فقط لذواتنا حين نلتقي بالحبيب فنعشق وتغيبنا أبيات الشعر في غمرات الهوى، وكنا نبتسم لمّا بخجل نخفي أسرار حبنا ومغامرات الجنون كأنها ملفات مخابراتية أميركية لا يجوز أن تعبث بها أياد معلومة، وكنا نبتسم لما نحصل على علامات ممتازة بالمدرسة، وكنا نبتسم لمّا تمطر على بيتنا القديم فنلعب غير آبهين ونتجارى تحت زخات المطر، وكنا نبتسم لمّا نقبل أيادي أمهاتنا وهن يدعين لنا كل صباح ومساء، وكنا نبتسم لمّا تنجب إحدى نسائنا ونصبح أكثر، وكنا نبتسم لمّا يتخرج أحد أبنائنا ونفرح لجهده وتعبه، وكنا نبتسم لمّا نلتقي في العيد ونأكل الحلوى ونتبادل الهدايا، وكنا نبتسم لأننا مجتمعون في مكان واحد وقلوبنا على بعضها..
ثم اختفى كل ذلك ذات حرب،
لا أم نجد ريحها ونقبل يديها 
ولا حبيب نحتمي بأحضانه وندفن عنده الهلع
ولا صديق نختلي به ونقاسمه قهوة الصباح
ولا صغير نذوب في براءة عينيه ونجيب على أسئلته الوجودية الإستثنائية
ولا جار نعيش معه الحياة كما كانت
ولا مدرسة ولا جامع، ولا كنيسة ولا بيتنا القديم ، وحتى المطر صار يأتينا قذائف تؤذينا ولم نعد نلعب ولا نبتسم.
الأم والصغار ذبحوهم والحبيب اعتقلوه والجار انقلب ضدنا والمدينة غرقت في الدم والدمار، وشجرة الزيتون وحدها ظلت هناك تقاوم وحدها، أيقتلعونها يا ترى؟ 

الأربعاء، 23 أبريل 2014

أرواح منكسرة

الفصل الأول

إذا نظرت إليهم شدتك ابتسامتهم العريضة وبشاشة وجوههم المتعبة، وإذا تحدثت معهم وجدت في كلامهم دفء محبة لا منتهية كأنهم لا يعرفون سوى الحب لينشروه من حولهم، وإذا أكلت معهم شعرت أنك ملك في رحاب جنة يصنعونها لك بأيديهم دون مقابل، مزاحهم اللطيف يأسرك وعيونهم لمّا تحط عليك تكاد تنصهر من الخجل، إنهم رائعون...رائعون ولكن.
وراء كل ابتسامة مشاكل بحجم السماء، خلافات جوهرية حول مفاهيم الحياة ورؤى المستقبل، ونظرة للدين كجزء مكون للشخصية عند بعضهم تقابلها نظرة عند البعض الآخر تعتبر الدين مجرد موروث ثقافي 
البعض الأول يعد تلك البلاد كبلد غربة ولجوء والبعض الآخر يراها بلد الأحلام والأمنيات...
الحرب وما جاءت به، فرصة هروب لبعضهم ومرحلة بلاء عظيم للبعض الآخر، دمار وقتل ، موت وخطر دائم، غياب الأمان وإحساس بالغربة القهرية الأبدية اللاختيارية 
تناقضات راسخة تسمم الحياة وتنغص طعم الوجود، اكتشفت من خلالها كيف أن الواحد منا مطالب جدا وبقوة بالتفكر في معنى حياته واختياراته سواء كانت اعتقادية أو متعلقة بنمط وكيفية الحياة التي سيعيشها!

في أسرتي، الدين محرك أساس للحياة، هو المنبع الأصل الذي منه تعلمنا الصحيح والخطأ في المعاملات و في الأخلاق وفي الإيمان، وبالموازاة فهمنا بعد طول عناء مُربينا (جزاهم الله الجنة خالدين فيها أبدا) أن هناك فصولا من العبادات المفروضة علينا، الغاية منها دوام العناية بمصباح الإيمان كي لا ينطفئ، كالمطر يسقي الشجر.
قد فهمنا أن الله لا يحتاج لصلاتنا ولا صيامنا ولا دعواتنا، بل نحن الفقراء لكل ذلك، وإدراك ذلك المعنى خطوة أساسية للتمكن من بلوغ مرحلة الإقتناع الذاتي وحمل الدين لا كعبئ ثقافي نرثه من أجيال سبقونا، بل كعنوان نعرف به أنفسنا قبل الحديث عن الجنسيات والأعراق والأنساب، لابد أن يكون الدين جزءًا من الكيان حتى نحبه بصدق ونفخر به بل ونفرح لأننا ممن هدينا إليه.
إن من الطبيعي جدا أن يصير الواحد منا يكره الدين ويفر منه فرار الهرة من الماء، حين لا يعي منه سوى المفروض والممنوع! الإنسان بطبعه لا يحب أن يكون مرغما على فعل الأشياء دون أن يستوعب ما يكسب من وراء تلك الأفعال، وأتحدث عن الكسب المباشر لا عن المدى البعيد ( الجنة والنار)، فلو ظللنا ندعو الناس لهذا الدين بالجنة والنار فقط لما آمن لنا أحد! الناس تحتاج لما يعينها على عيش الدنيا أولا، أوليست الأولى مقدمة على الآخرة ترتيبا؟! 
فلم نمسحها كليا من الخطاب الدعوي ونعتبرها مجرد طريق بالمعنى المختصر جدا...

الجمعة، 14 مارس 2014

أضغاث أحلام



هب أنك تمتلك الفانوس السحري وأنك مطالب بسرد أمنياتك وتخيل ماذا تريد أن تحقق في حياتك، ما هي الأشياء التي تريد أن تعيشها والتجارب التي لطالما حلمت بخوض غمارها، أنا طرحت هذا السؤال على نفسي أو لنقل أطرحه باستمرار، لاأن الطموحات تتغير خلال فترات الحياة ولأنني مزاجية لحد ما ولكن بكل الأحوال يمكن أن أقول إن سرد الأمنيات ليس من الأشياء التي أستصعبها ويوجد دوماً بحوزتي بحر من الأحلام 
لا يهمني كثيرا كم منها سوف يتحقق وكيف بقدر ما يهمني أن أحلم كل يوم، لست من الناس الذين تغشاهم الغمة بمجرد أن يعيشوا نكسة حلم، عندي قناعة أن كل ما لا يتم لم يكن له أن يتم يوما، وفي النهاية حتى ولو حزنت وبكيت فقناعتي تعيد لي وعيي ولو بعد حين
لو سألوني اليوم عن أحلامي لقلت 
إني أحلم أن أكتب كتاب أو أكثر، وأنشر مؤلفاتي التي ستحمل اسمي وصوتي للعالم وستكون لي بصمة أتركها من خلفي يوم ينتهي رصيد أيامي 
وأحلم أن أكتسب من العلم في مجال القرآن ما هو ممكن فأتعمق فيه إلى جذور التفاصيل الدقيقة 
وأحلم أن أسافر لأماكن بعيدة وأجوب كل تلك البلاد التي تجذبني إليها وهي كثيرة 
وأحلم بالحب على هيئته الصافية النقية لأرعى قلب إنسان أخصه بنفسي وأخبئ عوالمي كلها على شرفات ابتسامته 
وأحلم أن أغير شيئا بهذا العالم البئيس من نافذة إمكانياتي على مبلغ علمي وفي حدود اختصاصي 
وأحلم أن أقابل قبل مماتي كل من هم أكابر بعيني وأرى النور في صدري حين أكون معهم وبحضرتهم 
وأحلم بأشياء أخرى لا يليق بها أن تنشر كلها 

لعل الناظر للحياة من زاوية الموت القادم لا محالة هو الأبلغ إدراكا لمساعيها الفانية، فهو يرسم الطريق المؤدية لأحلامه معتبراً عامل الوقت المحدود بطرفيه (الولادة والموت)، فلا يضيع أيامه في بلوغ مساعٍ لا تغني ولا تسمن من جوع وكذلك لا يتكاسل عن الكد والتعب للوصول لأهدافه.

السبت، 21 سبتمبر 2013

السعادة عادة حب



بعض المسلسلات والأفلام السينمائية والروايات تعرض أفكاراً رائعة فيما يخص العلاقات الإنسانية، ربما ليست أفكاراً مبهرة وجديدة لحد ما، لكن من حيث اللمسة الجميلة التي تتركها في نفوسنا يمكنني أن أقول إنها ملهمة وتستحق على أقل تقدير تجربتها في حياتنا اليومية، تماما كما نفعل بالنسبة للوجبات الشهية التي يعرضون طريقتها في برامج المطبخ، أو كما نفعل بالنسبة لموجات الموضة التي تجتاح الأسواق وتغرينا بها عارضات الأزياء وتلك المجسمات التي يضعون عليها الثياب بتنسيق مثير يزينونه بالمجوهرات وفاخر الأحذية، كل ذلك يثير إعجابنا في الأخير، فنستسلم لرغبة التجربة، الإمتلاك والتميز و..الشره أحيانا.

فماذا لو كان سبب استسلامنا أسمى من ذلك وأروع، 
ماذا لو كان الداعي هو الحب أو شيء من مشتقاته وهي كثيرة..

الخميس، 30 مايو 2013

سحابة رمادية

الوداع دائما مقرف كيفما كانت الظروف، لكنه جزء من الحياة 
قالت وهي تبكي : لا، عادي أصلاً كان الأمر متوقعاً.
هذا بالذات هو الغريب في الحكاية، أنها كلها متوقعة من ألفها إلى يائها.
قال لها: أنا آسف، أنا فعلا آسف.
الأسف هو ردة الفعل الوحيدة التي تليق بهكذا مواقف، ومن لا يأسف على وردة تذبل وجنة تتصحر.
في النهاية لا شيء مهم، قد تصادف في حياتك شخصا غريباً عنك يجلس إزائك يراقب كلامك وتصرفاتك باهتمام، يحاورك ويسألك عن نفسك ألف سؤال، قد تنصرف عنه ولا تعيره اهتماماً وقد تتلاعب به وتجيبه بأكاذيب وخرافات لتتسلى، وقد تفتح له قلبك على مصراعيه، اختيارك رهين بمن تكون وما تريد
أما النتيجة فليس لك فيها يد، ستتحمل ما يأتيك من الزمان بحلوه ومره، لأنها مجرد صدفة.
بعض الصدف لو كان بيدنا اختياراجتنابها كنا دون شك ابتعدنا عنها مسافات، لكنها صدف مقدرة.
ستظل فينا ذكراها لكن لا نبالي لا نبالي، 
البال ينبغي أن يرتمي على كل أمر ذي بال، 
لا شيء يستحق أن تذرف الدموع لأجله وتتورم العيون،
لا شيء يستحق أن يتخفى عند كل منام، 
الوهم وهم مهما حصل، فحصنوا قلوبكم وعقولكم وكل شيء فيكم، حصنوها أن تغدو تنهيدة طويلة الأمد.
يا زمان أفرح تلك القلوب الدفينة فرحة ليس بعدها حزن.
ليتنا نستعير عيون أحكم الحكماء لنبصر بها حياتنا فنختصر الطريق.

الثلاثاء، 28 مايو 2013

الدين بين المد والجزر

فأما الملحدون فصاروا بيننا في كل مكان، وفي الواجهة الأخرى هناك المتدينون وبينهما شريحة هي الأكبر أسميهم "الباحثون عن الطريق" فهم ليسوا مشككين قابلين للرفض التام للدين وليسوا كذلك مقتنعين بكامل حيثيات الدين وعندهم توجس حيال بعض النقاط، وحتى الذي هم به مقتنعون فعندهم صعوبة فاضحة في نقله من القلب إلى الواقع، هم مؤمنون ولكن...
وهي ظاهرة لها أسباب عديدة طبيعية من أولها احتكاكهم بالطرفين الأولين : فالملحدون يجادلون فيما يجهله هؤلاء وذلك يثير التساؤلات عندهم، والمتدينون غالبهم يثير الرهبة في نفوس هؤلاء، يخافون من غلوهم وغلظتهم ولا يرون فيهم تلك الصورة التي يحتاجونها في الدين
وطبعاً هناك أسباب أخرى كثيرة تختلف من فرد لآخر، تحوم كلها حول الرؤية التي يمتلكها الإنسان عن الحياة وكمية الإرادة التي يستطيع أن يربطها بفكرة في ذاته وليس فقط بهدف يضعه نصب عينيه، يعني تلك القدرة على تغيير أسلوب الحياة بشكل تام

الخميس، 4 أبريل 2013

تساؤلات في ماهية المديح


لماذا نمدح من يعجبنا؟ 
أليس بإمكاننا الإبقاء على ذلك الأثر الجميل الذي يتركه أي إنسان بدواخيلنا؟ 
أم أننا نبوح بالمديح لغاية أكبر من المديح نفسه.. 
عندما يعجبنا لون السماء أو لون عيون قط يمر من أمام بيتنا أو صوت أذان يتسلل لمسامعنا لا نركض بالضرورة خلف القط أو عند المؤذن لنخبرهم، نكتفي بآهٍ وتنهيدة عابرة تصاحبها ربما ابتسامة ارتياح، وإحساس بسعادة عيش تلك اللحظة الخاصة..

لكن عندما يتعلق الأمر بإنسان مثلنا، نجد الكلمات الطيبة تتقاطر من ألسنتنا بغزارة، نمدح الصوت المرهف والعيون البحرية والكحيل، نمدح الفستان الأنيق وربطة العنق المميزة، نمدح تفاصيل صغيرة كالذاكرة القوية والثقافة الشمولية، والتصرفات الحميدة وأشياء كثيرة نلاحظها فنرسم سطرين تحتها، أحياناً لِنشكر من خلال المديح فنعبر عن امتنان غير مباشر، وأحياناً أخرى لِنباشر بعلاقة جديدة نجعل المديح تعليلاً لافتتاحها، ومراتٍ كثيرة نمدح هكذا بدون سبب، نمدح بعفوية كتعليق على ما نفكر به أو ما نظنه فيهم وحياتنا كلها ملئى بالظنون أو ما أسميه أنا "ملئ الخانات"، فالإنسان لا يستطيع أن يتوقف عن التصنيف وتقييد كل إنسان بخانة طبقاً لما يعرفه عنه.

ويقولون كثيراً "خاب أملي فيك" فما معنى أن يكون لك أمل في إنسان؟ القصد طبعاً هو مجرد تعبير آخر مفاده "أنك لم تتصرف كما توقعت أنا أن تفعل وذلك يضعني في موقف المخطئ الذي أساء التقدير" وعكس ذلك هو المديح، حين نرى تماما ما نتوقعه أو بالأحرى ما نحب وقوعه وربما أحيانا ما نتمنى لو كنّا نحن أنفسنا أبطال حكايته.

الثلاثاء، 12 فبراير 2013

تذكرة


الحمد لله من العمق، الحمد لله على كل شيء ما أدركت وما فاتني، ليس مهمّا أن يهتمّ من حولك، الزهد أن تكون غنياً عن تلك الأفكار العقيمة التي لا تثمر بداخلك سوى بعض الأمل والكثير من الألم، في الحقيقة لابد من استشعار وحدة الموت قبل الموت، لابد أن تتذكر من وقتٍ لآخر أنك في الأخير لا تساوي شيئاً عند كل حميم لو خيرتهُ بينك وبين نفسه، ذلك يعيد توازن العواطف برأسك فترجع لتنادي من إليه الرجوع ومن عنده كانت البداية، العلاقات الإنسانية تبقى إنسانية مهما كانت رائعة فهي لا تضاهي جمالية علاقة الإنسان بربّه! 
ليس هناك إنسان حيٌ على هذه الأرض عنده استعداد ليسامحك كلما أخطأت ولو تعددت هفواتك، وبالمقابل يضاعف جزاء حسناتك أضعافاً مضاعفة.. 
ما أفقر الملحدين لذلك الحضن الرباني لينتشلهم من وحدانية الغرور ولا رادّ لهم من ظلمات القبر..
ما أحوج المؤمنين لتصحيح صلاتهم و ظنونهم حين التوجه لأرحم الرّاحمين فيعلقوا كل أمنياتهم برب العالمين، ويعرضوا عن ربط جلّ رغباتهم بإنسان آخر لا يقدر على شيء، ضعف الطالب والمطلوب..
والحمد لله رب العالمين