السبت، 26 نوفمبر 2011

رمضان في رحاب الحرمين الشريفين #6

الطريق الى ام القرى 



نحن اليوم في اواخر السنة الهجرية الثانية والثلاثين بعد المئة والالف ، وهو يوم أرَّخه المسلمون وجعلوه ذكرى ليوم عظيمٌ وقْعُه على افئدة المؤمنين ، يومٌ ترك فيه اول المسلمين موطنهم ، واهاليهم واموالهم لنصرة الحق ، يوم رحلوا فيه من مكة مهد طفولتهم وذكرياتهم ليصلوا الى يثرب احرارا معززين مكرمين ممجدين، هو يوم حزين لمن اضطروا ان يهجروا احب الاوطان الى قلوبهم ، ولكنه في الوقت نفسه يوم جلي لنصرة الله على يد الانصار للمستضعفين من المهاجرين ومن حطمت قريش على اجسادهم كل اسلحة التعذيب دونما ان تستطيع اذلالهم...
كلما تذكرت هذا اليوم بكيت حسرة على نفسي ، فوالله هذه الرحلة وحدها كافية لتعلمنا اكبر درس في الصبر والاصطبار ! 
لا عجب ان تكون امتنا على حالها فنحن لا ندرك جيدا قيمة ما فعله ابآؤنا واجدادنا ليوصلوا الينا هذه الرسالة ، اننا اليوم نعيش على ارض الواقع تلك الرحلة التي قاموا بها لكن في اوضاع لا يمكن ان تقارن باوضاع رحلتهم المجهدة ! 
اننا وان كنا نهاجر عكس التيار ، اي من المدينة الى مكة غالبا ، لكن على كل حال فاننا نقوم باجتياز نفس المسافة التي قاموا بها او اقصر ، فهم كانوا مضطرين لاستطالة طريقهم حماية لانفسهم ، اما نحن فعلى متن حافلة مبردة ، جالسين مرتاحين على كراسي ناعمة لا نشتكي من جو حار ولا من جوع ولا من عياء ، نعبر الكيلومترات في ساعات قليلة وبين صبيحة وعشية نكون قد وصلنا لوجهتنا ، انا لا اقصد بكلامي اننا من المفروض ان نعود بانفسنا للعصور الحجرية اكثر مما نحن عليه ولكن ، اتمنى لو داخل قلوبنا نمتلك تلك الحساسية التامة لنستشعر ما قام به رسولنا الكريم الذي نعتز به ، مع ان الله خيره بين الملك والجاه وبين ما عاشه بحياته من معاناة صلى الله عليه وسلم ، فهو اختار تلك الطريق بحكمة منه صلوات ربي عليه وسلامه.