الأحد، 27 يونيو 2010

الحلقة الثامنة :وجع قديم



أحيانا حين نقضي ليلة عند احد الأصدقاء أو الأقرباء ، نصاب للحظات بفقدان غريب للذاكرة حين نستيقظ من نوم عميق وندهش أمام غرابة المكان ثم نتساءل اين نحن وكيف وصلنا لذلك المكان ؟! و بعد تفكير قصير ندرك اننا بمنزل آخر ليس منزلنا فنهدأ ونبتسم أمام سذاجة عقولنا ...

هكذا كان إحساس "س" كل صباح وهي تستيقظ داخل غرفتها الفرنسية الجديدة ، وفي كل مرة كانت تتمنى ان تعود لأحلام حال دون إتمامها صوت المنبه المزعج ، ثم بعد مقاومة شديدة تقوم من مكانها لتستقبل صباحا فرنسي الرنين : صوت نباح الكلاب يتعالى من حدائق المنازل المجاورة والعصافير بدورها تنشد نشيد الصباح ، في تلك اللحظة تتذكر "س" ما كان يقال لها:" حين تتجمع العصافير لتغرد بصوت عالي على سطح منزل ما فهذا يعني ان ضيوفا سيحلون بذلك المنزل" ، لكنها الآن أدركت سخافة هذه المقولة وما عادت تؤمن بها ، فمن ذا الذي سيزورها وهي الآن هنا ، حيث لا تعرف أحدا !

بعد مضي بعض الوقت على تواجد "س" داخل التراب الفرنسي ، وبعد أن أصبحت تتعود على نمط الحياة الفرنسية ولا سيما بعد دخولها للمدرسة الفرنسية ، حيث لم يكن لديها صعوبات كثيرة مع المنظومة التعليمية الفرنسية بل بالعكس تفاجأت بمستوى دراسي بسيط وابسط مما كانت تتوقع ! مما ترك لها فراغات كثيرة في أوقاتها كانت تستغلها مع أسرتها لاستكشاف المدينة التي يتمنى الكثيرون زيارتها : باريس.

في تلك الفترة زارت "س" كل معالم العاصمة الفرنسية المعروفة ، كبرج ايفيل وقوس النصر ومسجد باريس الكبير وقصر ڤرساي وشارع الشانزيليزي وكنيسة مونمارتر وغيرها من الأماكن التي زارها كل سائح لهذه المدينة الساحرة. كانت تفرح في كل مرة تسمع فيها كلمة عربية وترتسم على وجهها ابتسامة تلقائية حين تقرأ على احد المتاجر : "مجزرة إسلامية" بل إنها زارت كل الأحياء التي سمعت بانها عربية بامتياز ! وزارت أيضا اغلب المساجد الباريسية أو الموجودة بضواحي باريس وما اكثرها !

كان العام طويلا جدا ، والصيف بعيدا لكنها ظلت تمني نفسها باقتراب الموعد وحين يشدها الحنين لماضيها تأخذ قلما وبعض الأوراق لتكتب رسائل حب وشوق للأحبة والأصدقاء واحيانا اخرى كانت تهاتفهم لتسمع أخبارهم وتجد في كلماتهم وضحكاتهم مواساة لحرقة الشوق داخل ثنايا صدرها.

هناك تعليقان (2):

  1. الحنين للوطن ...
    أعتقد أنه إنتهة الدراسة والإمتحانات في هذه الأوقات وحان الوقت لزيارة وصلة الرحم :)
    أنتضر حلقة أخرى وأتمنى أن تكون التدوينة القادمة من البلد الأم وليس من بلد الغربة
    أتمنى لكي عطلة ممتعة :)

    ردحذف
  2. شكرا على وفاءك ودوام تعليقاتك الطيبة !
    اعتذر عن التأخر في الاجابة
    تحياتي

    ردحذف