السبت، 21 سبتمبر 2013

السعادة عادة حب



بعض المسلسلات والأفلام السينمائية والروايات تعرض أفكاراً رائعة فيما يخص العلاقات الإنسانية، ربما ليست أفكاراً مبهرة وجديدة لحد ما، لكن من حيث اللمسة الجميلة التي تتركها في نفوسنا يمكنني أن أقول إنها ملهمة وتستحق على أقل تقدير تجربتها في حياتنا اليومية، تماما كما نفعل بالنسبة للوجبات الشهية التي يعرضون طريقتها في برامج المطبخ، أو كما نفعل بالنسبة لموجات الموضة التي تجتاح الأسواق وتغرينا بها عارضات الأزياء وتلك المجسمات التي يضعون عليها الثياب بتنسيق مثير يزينونه بالمجوهرات وفاخر الأحذية، كل ذلك يثير إعجابنا في الأخير، فنستسلم لرغبة التجربة، الإمتلاك والتميز و..الشره أحيانا.

فماذا لو كان سبب استسلامنا أسمى من ذلك وأروع، 
ماذا لو كان الداعي هو الحب أو شيء من مشتقاته وهي كثيرة..


لا يبدو واضحا جدا ما أريد قوله، فلا شك أن ما تبادر لذهن أغلب الناس عندما قرؤوا كلمة "حب" بجانب مصطلحات "المسلسلات" و"الأفلام" هو شيء بعيد جدا عن ما أعنيه، الميكسكيون والأتراك والأمريكان أتحفونا بكثرة أعمالهم التي رافقت طفولتنا والمراهقة والعشرينات والثلاثينات وبعضها لم تكتمل إلى اليوم، تلك الأعمال لا تصل إلى الحلقة النهائية بسهولة وأبطالها لا يموتون والحب فيها كالماكياج يزول بسهولة ويفيد المظاهر فقط أما الدواخيل فعلمها عند ربي.. 
ما أتعسهم!

لكن على كل حال سأبين كلامي أكثر،
أتذكر أني شاهدت يوماً في أحد المسلسلات فكرة لطيفة تعالج مشاكل زوجين بطريقة حضارية جدا، كانا متفقين عليها من بداية زواجهما والبدايات دوماً سعيدة، لكن الحياة شاقة مليئة بالمتاعب وقد أدركتهما المشاكل بعد عمر مديد من العشرة، فلجئا لحل "الدفتر الخاص"، كانا يكتبان فيه كلما تضايق أحدهما من كلمة أو تصرف أو أي شيء سببه الآخر، فالناس غالبا حين تريد أن تتحدث عن المشاكل تستهجن اللطف ومراعاة المشاعر قد تتحدث بقسوة جارحة تحت مفعول الغضب والإنزعاج، أما الكتابة فتوفر للشخص وقتا ليهدئ ويختار مفرداته ويعبر عما يشعر به بسهولة أكثر، أحببت الفكرة جدا ولو أنها عمليا ليست سهلة أبدا، فالبعض لا يعرف أو لا يحب الكتابة، والبعض يستسخف قراءة كلمات موجهة إليه من الشخص الذي يراه كل يوم صباح مساء، والأصعب قبل كل شيء هو كظم الغيظ والضغط على الأنفاس لتلجم جمر النار فلا تحرق به من حولها، لكني أؤمن أن المحاولة هي سر النجاح دوما، أم تعتقدون أن العارضات عرفن كيف يمشين على تلك الكعوب العالية هكذا بكبسة زر..؟!

التجربة محاولة تحتمل النجاح والفشل، والنجاح جيد طبعا لكن الفشل جيد أيضا، ولو خيل إلينا العكس، إسألوا الفاشلين سيخبرونكم عن طعم النجاح بعد الفشل، كأنه نجاح ذو وسام أعلى.

أذكر أيضا أن أغلب الأبطال في الأفلام قبل أن يموتوا ويفارقوا الحياة (سينيمائيا)، يقومون بأشياء تسعد أو تساهم في أن تخفف الحزن عن قلوب أقربائهم، كأن موتهم كان  معلوما بل مشروعاً يحضرون له، وهو كذلك طبعا فهو موجود في السيناريو (...)، لكن المقصود أن موتهم يفترض أنه مفاجئ وغير منتظر، لكنهم أخذوا احتياطاتهم اللازمة وتركوا لغواليهم رسالة أو كلمة مصورة أو أشياء ثمينة احتفظوا بها لأجل من يحبونهم في حالة ذهابهم بدون رجعة..
أحببت الفكرة أيضا، وخاصة وأننا نحن نؤمن بالموت ونعلم يقينا أن الأعمار بيد الله متى ما كتب علينا نهاية المشوار سنرحل، وينبغي أن نكون دوما على أتم الاستعداد، تماما كالذي يهيئ نفسه للسفر ولا يريد أن ينسى شيئا، لابد أن نعد الحقائب ونطمئن أيضا على أشيائنا التي ستبقى، نقفل الأبواب جيدا وقد نوصي الباقين عليها، كذلك رحلة الموت لابد لها من عدة، عدة لما بعد السفر وعدة نبقيها كأثر.. وخير الأثر ما ينفع.

فالحب إذن يصنع المواقف الجميلة، ولو جلسنا كل يومٍ نفكر في أمر جميل نقوم به عن حب لكانت حياتنا سعيدة جدا جدا
فالتفاصيل الصغيرة هي التي تبقى وتمتزج بروتين الحياة،
وحينئذ تصبح السعادة عادة تتكرر 
تتكرر مع كل قطعة سكر تذوب في قهوة الصباح، ثم عندما تغسل وجهك  فتنظر لوجهك بالمرآة وتجد مكتوبا عليه بقلم أسود "أحبك بابا"، ثم تتكرر من جديد عند باب البناية حين تخرج في الصباح فتجد الحارس ينتظرك ليخبرك أن زوجته أنجبت ليلة البارحة وأنه سعيد جدا ويدعوك لبيته لتحضر حفل العقيقة، ثم تمشي في الشارع وأنت منشرح الصدر تلفح خدك شمس الصباح، صباح السعادة البسيطة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق