السبت، 24 مارس 2012

حبيبتي الشام

اتذكر اني عرفتها بداية على مقاعد المدرسة ، باسمها المعاصر "سوريا" سمعت عن التاريخ العريق لتلك البلاد وعشقت من اول وهلة مدنها التي يكفي ان تسمع اسماءها لتحس بهمة عالية تنتشلك : دمشق وحمص وحلب واللاذقية وغيرها من المدن التي تحمل ذكريات مجد لم تنطفئ يوما شعلته.


ربما قد يكون البعد الجغرافي بين المغرب وسوريا قد باعد شعبيهما وقسمت الحدود التي رسمها المستعمر وطنا يتدفق بالحضارة ، لكن ما كان لجدار ان يفصل بين أم وأبنائها ولا بين إخوة استرضعوا من ذات الثدي...
هكذا مرت الايام واكتشفت بداخلي حباً عنفوانيا تجاه بلاد الشام يجذبني لكل ما فيها من جمال وذكريات كأنها لي ، هكذا احببت الشام وسوريا بعض منها.


اتذكر انني كنت احب ان اتتبع المسلسلات السورية مع اني لست ممن يهوون الاخلاص والتفاني في حضور المسلسلات بشكل عام ، لكن في هذه بالضبط كان يحملني فضولي وعشقي لتلك الثقافة لحضورها كأني سائحة اكتشف من نافذة صغيرة نمط الحياة السورية ، الذي ليس تماما كما في الافلام طبعا لكن فيها ومضات من الحقيقة ، واكثر ما كنت احبه في الافلام ربما هو اللهجة السورية التي كان يكفي ان احضر حلقتين او ثلاثا لأجد نفسي اتكلمها بطلاقة واحيانا افكر بالسورية فابتسم.


اتذكر اني قرأت عن اعلام الصحابة ومنهم برز لي اسم خالد بن الوليد بن المغيرة ، سيف الله المسلول في وجه اعداء الله ، ذلك الفارس الذي كانت له بصمة خالدة في تاريخ الفتوحات الاسلامية ، والذي اشتهر اسمه مقرنا بالشام ارض الرباط ، فزاد في نفسي شوق لاكتشافها والتعرف اليها عن قرب.
كلما امسكت بتلك السجادة السوداء المكتوب عليها (صنع في سوريا) شعرت بفخر امتلاكها وتنهدت حنينا ، يوماً ما سيكتب لنا اللقاء.


اتذكر اني في مكة صليت بجانب اسرة سورية ، خلال رمضان الماضي والشهداء يسقطون ، احسست منهم الحزن وهمة عالية كلها صمود ، كمن تزرع في احشائه سيفا حادا فينزف دماً وهو يرمقك بنظرة شامخة وابتسامة، هكذا وقد حدث ان دعى الامام الشيخ ماهر المعيقلي تلك الليلة بحرقة ظاهرة ، فسال الدمع من المقل ولم تفتر العزيمة.


اتذكر اني يوم ان انطلقت الثورة السورية فرحت ولم اشك يوما انها ستنتهي بالنصر، لكني لم اتصور ان تحدث كل تلك المجازر ، ظننتها ستسير على درب الثورتين التونسية والمصرية، فاذا بالخبيث يذبح شعبه ويذل نفسه ويقهر العباد وهو مغلوب لا محالة.
احسست بجرح عميق يكبر داخلي وما في يدي حيلة ، شاركت في المسيرات ونددت وهتفت ، كاتبت سوريين من هناك في محاولة لرفع المعنويات ، استغثت بالجبار القهار ودعوته ان يفك الغمة ويرفع البلاء.
سوريا حبيبتي يخربها فئة من الطغاة والقلب يبكي معاناة الاطفال والنساء ، الايتام والثكالى ، الشيوخ والابرياء 
اكتشفت اليوم بحق كيف ان الشعب السوري لا مثيل له ، مسملون ونصارى ، تيارات مختلفة وعقائد كلها ليست كبعض ، ثقافة شامخة وكم من الكتب التي نقرأها كانت تأتينا من هناك ، وكم من العلماء تحتضنهم تلك البلد الحبيبة ، وكم من المُبعدين غربتهم عن موطنهم ظلما وجورا ، كم وكم كانت سوريا بحاجة لتتنفس الحياة من جديد، اليوم أذن الله ان الحق آن له ان ينصر بشباب فداءه الجنة ، شعب لم يعد يتمنى من احد ان يشهد له بالشهامة ، شعب من صلب خالد بن الوليد وعمرو بن العاص وأبي عبيدة بن الجراح وغيرهم من المقاتلين الاشداء الذين خاضوا المعارك في سبيل نشر السلام والحق.

هذي حبيبتي فهل من مخلوق لا يحبها ؟ 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق