السبت، 25 أغسطس 2012

بين القوامة والتسلط



قد تكون صادقا في حرصك، أمينا على أهلك، متعطشاً لطاعة ربك، وفي حياتك امرأة أو فتاة تريدها ان تدخل معك الجنة، لكن هل تساءلت يوماً كيف الى ذلك السبيل؟ كيف ترى قوامة الرجال على النساء من منظورك؟ وهل تعاليم الاسلام اولى عندك أم تقاليد المجتمع ومعتقداتك الشخصية؟

من اكثر المواضيع التي "تعالجها" المسلسلات والافلام العربية وينتقد بها العالم الغربي نقيضه الشرقي، هو مشكلة اضطهاد بعض الرجال لحقوق النساء بإسم الاسلام، وفي ذلك نصيب من الحقيقة لا ينكرها أحد، ولو أن الكثيرين يستنكرون ذلك لا دفاعا عن النساء بل كرها وحقدا للاسلام والمسلمين، وهذا ليس موضوعنا، فالرجل العربي بوجه عام ولو ان الحكم يدخل فيه حتى بعض الأعاجم والشعوب المُعَربة، كأنه لا يدرك ان المرأة انسان مثله تماما، لها ما لها ولها ما عليها ولا فضل لذكر على أنثى من حيث المبدأ.
واذا كان بعض الرجال استفحلت "رجولتهم" الى درجة ان يعتبر المرأة كائنا كأنه عالة عليه، لا تدرس ولا تتعلم حتى لا تخرج فيراها الناس فتزيغ عن سيطرته، ليس لها رأي يأخذ به، وليس لها شغل شاغل غير اطعام الرجل والسهر على رعايته ورعاية ذريته، ليس لها الحق في أن تخطئ فخطؤها وشمة عار لا تغفر... ذلك ما نسميه المجتمعات المحافظة وما أكثرها الى اليوم في مناطق كثيرة من الوطن العربي.

وهناك نوع آخر من الرجال، المتحرر في حدود، الذي نشأ على يدي إمرأة أمية لم تكن تقرأ ولا تكتب، ثم رمت به الاقدار في عالم آخر، فصارت النساء حوله مثقفات واعيات، صار يعترف بمكانتها، ويدرك ما قد يصل اليه ذكاؤها لا بمنطق كيد النساء بل برؤية عادلة متحررة من الافكار المصنوعة والمتأصلة في عمق ثقافة الانسان، صار يراعي ذكاءها وعِلمها الذي فاقته به، لكن بقايا الرجل المتسلط لا تزال حاضرة بدواخله توقظ غروره كل مرة وتجعله يقول ويفعل ما لا ينبغي بحق أخته وزوجه وكل بنت حواء تضايق شخصه...
هذا الرجل البطل، لا يتفانى عن التدخل في تفاصيل حياة حواء التي تزعجه ويريد ان يكون عليها سلطانا، فيحكم على لبسها لوناً وشكلاً، ويعلق على نوع صداقاتها بحكمه رشيداً ادرى بالاحسن دوماً، وكلما كبرت عضلاته كلما تكاسلت عن المساعدة في اشغال المنزل التي لا تليق به كرجل، وصار يستنجد بالدين ليثبت آراءه في كل أمر، فأصبح اكثر المنادين بالحجاب رجالاً، والنساء عورة صوتاً وصورة!
من أمثال هذا الرجل اختنق النساء فما عدن يلِدن عظاماً، فكيف تُربِّيه على الحق وأبوه وكل الرجال حوله على غير ذلك، وإنما تنحني لسلطان جائر أو تثور عليه فتلقى النبوذ والاستنكار حتى من شقيقاتها.
من هذا الكلام، أود ان لا يستنبط البعض خطأً أنني ممن يدعو "لِتحرير المرأة" بالصورة التي تخرجها عن طريق الاسلام، ولكني هنا أكتب خصوصا لأخي الرجل، الذي آمل فيه خيراً كثيراً اذا هو تخلص من عقدة التسلط تحت قناع القوامة، وما الله بظلام للعباد، حتى يكتب للرجال القوامة على النساء بالشكل الذي نراه اليوم في كل مكان، الفرق يا أخي بين ان تقول لإمرأة استري نفسك بأسلوب الداعية الحريص عليها وبين وضعها في خانة الكافرات السافرات والغلظة عليها في كل وقت وحين، الفرق بينهما كالفرق بين السماء والأرض، قد يقول البعض لابد من الغلظة احيانا فهذه حرمات الله لا بد ان تصان، ربما يكون على صواب ولكن برأيي الأمر لا يتطلب كل ذلك، قد تكون هناك حالات خاصة شاذة ولكن اغلب النساء اقرب للخطاب الرقيق الرؤوف، فان كنت لا تتقنه استعن بمن يعلمك، ولا تكسر القلوب بجحافة كأنما ستدخل النار مكانها!
ان كانت أختك او أمك او زوجك او قريبة لك، فاجعلها تشعر انك تقدر عقلها فتناقشها بالدليل والبرهان، واجعلها تشعر انك تراعي مشاعرها فتبين لها مكانتها عندك، واجعلها تحبك أولاً لِتحب كل ما يأتي منك فتقبله، وعلِّمها مما ينفعها فتهتدي بإذن ربها، ولا تكن وصياَّ إلا كما أمرك الله فصوتها وجسدها وعقلها ولبسها ملكٌ لها تفعل به ما تشاء ما دامت لا تتعدى حدود الله، كن لها اليد التي تمسك بها لتقودها للجنة.
باختصار، انت مختلف عنها بما فضل الله بعضكم على بعض، ولكنكما متساويان في الكثير من الاشياء كالاخوة في منزل واحد، (لهن مثل الذي عليهن بالمعروف)، ولك عليهن درجة فضلا من الله عليك لا بما كسبت وهذا من حكمته سبحانه، ولا اعتقد اني بحاجة لأطلعك على نوع ذلك الفضل فهو معروف، ولكن ما دنى من ان يصبح مجهولا هو قدر المسؤولية التي عليك تجاه ربك في شقائقك من النساء، فلا تجعل أمم الكفر تفرح بخطيئتك وتشهرها في وجه العالم تنكيلا بالاسلام، ولا تعبس على أختك فتتولى من سوء ما رأته منك.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق