الثلاثاء، 18 مايو 2010

الحلقة الخامسة : عادات واعياد



توجد لدى كل الشعوب عادات وتقاليد يتشبتون بها اكثر مما يتعلقون بامور اخرى لها اهمية اكبر ودلالة اوضح وانفع. فغالبا يلاحظ ان العادات لا يعرف لها تفسير واضح ولا اصل تاريخي موثق ، هي فقط موروثات شعبية تعود الناس عليها وعودوا اطفالهم عليها.
من الملاحظ ايضا خلق الروابط بين تلك العادات وبين مناسبات رسمية دينية مثلا او وطنية ونحو ذلك، حيث تجعل منها الشعوب طريقتها الخاصة في الاحتفال بالمناسبة .

"س" كانت تعيش وسط مجتمع مسلم كان فيه مكان كبير لمثل تلك العادات الغريبة بل والمتناقضة احيانا، اما الغرابة فتكمن في الاسلوب العجيب الذي كانت دائما "س" تستغرب منه ، فمثلا قبل حلول عيد الاضحى المبارك ببضعة ايام ، كان شباب المدينة يخرجون للشارع جماعات وهم متنكرون تحت جلود الخرفان!
في البداية كان الهدف من ذلك فقط التسلية وتخويف الاطفال الصغار الذين لم يصل وعيهم الى ادراك انه مجرد زي للتنكر وان الوحوش لا توجد الا في خيالاتهم وفي القصص والروايات الاسطورية، ثم بعد مدة تحول الامر واصبح كأنه كرنڤال سنوي يتسابق فيه شباب الاحياء ـ الذين ارادوا خوض تجربة "بوجلود" كما يسمونها ـ ليبرهنوا ان زيهم احسن وافضل بعد ان اضافوا اليه لمستهم الخاصة.

واما التناقض فالامر يتعلق بمناسبة اخرى ليست عيدا لكنه يوم مجيد يعظمه المسلمون ، وهو يوم عاشوراء الذي نجى الله فيه موسى وقومه من آل فرعون ،وحسب تعاليم الدين الاسلامي فالمفروض ان يصوم كل مسلم هذا اليوم ويرغب الآخرين في ذلك تعظيما لسنة الحبيب المصطفى عليه ازكى الصلاة والسلام ، لكن "س" كانت تتفاجئ بعادة ذميمة تتناقض تماما مع منطق العقل السليم اولا ومع المنطق الديني ثانيا ! فقد كان يوم "عاشوراء" يتخذه الاطفال داخل المدارس وحتى خارجها كفرصة مميزة ليلعبوا ويعبثوا بالماء بحرية تامة ، وذلك بطرق عديدة ومختلفة !
منهم من يكتفي بالمسدسات المائية وهم قلة ، والبعض يشتري النفاخات البلاستيكية ليملأها بالماء ثم يرميها على اصدقائه والبعض الآخر يتجاوز كل الحدود المسموحة اذ يحمل معه قنينات مملوءة بالماء ليهدد بها المارة في الشارع او ربما يرميهم بالماء من نافذة المنزل وهم لا يشعرون ! كانت "س" تكره بشدة تلك العادة لما فيها من ضياع للماء دون فائدة وايضا لما فيها من ازعاج ينتج عنه افساد العلاقات بين الناس لاتفه الاسباب ! لكنها تتذكر انها في طفولتها كانت بالعكس تحب يوم عاشوراء كثيرا وذلك راجع لعادة اخرى افضل بكثير من الاولى ، حيث كانت تنتظر تلك المناسبة بشوق لتحصل ككل طفلة على لعبة تشتريها لها امها من السوق حيث الدمى والآلات الموسيقية ولعب اخرى تكتسح كل الأروقة.

هناك تعليقان (2):

  1. و من العادات أيضا أن نزور مدونتك كل يوم، لعلنا نجد عبارات "سينية" ننعش بها أفكارنا، فيصبح يومنا عيدا لأن هواجس ذاكرتك هي هدايا لنا تفرحنا دون شك.

    ردحذف
  2. اسأل الله ان تستمر حروفي وكتاباتي في بث الفرحة والسرور دائما وابدا :))

    ردحذف