الحلقة السادسة : العهد الجديد

كان اليوم عاديا جدا ، "س" واخوتها اصبحوا قد اعتادوا شيئا ما على ذلك الفراغ داخل المنزل الذي خلفه غياب ابويهم ؛ بل الحقيقة انهم لا يتوقفون عن الشكوى لبعضهم البعض ويتنهدون طول الوقت بل ويتذمرون من الوضع لكنهم يستحضرون في عقولهم سبب الغياب فيتناسون كل ذلك ليبدوا كانهم تعودوا فعلا !
كانت "س" من جهتها تتخيل الايام القادمة بتردد ، وترقب الايام التي تمضي بحيرة وهي تنتزع كل يوم من اليومية المعلقة امام المكتب الورقة المكتوب عليها تاريخ اليوم.

كان الانتظار صعبا وطويلا والمجهول قادما ببطء شديد.

الموسم الدراسي الجديد اوشكت بدايته وكل صديقاتها كن منشغلات بالاستعداد لذلك ، اما هي فقد كان ذلك آخر همها؛ فقد استوطنت داخل مخيلتها احلام اخرى ، احلام وردية لم تبح بسرها آنذاك الا لصديقة واحدة دون ان تذكر لها التفاصيل الشيقة والمثيرة التي كانت ترى انه من الافضل ان تبقيها داخل جدران المنزل ، حيث الاثارة وصلت الى اقصى درجة ، فقد مضى اكثر من اسبوع على آخر اتصال من امها ، اي ان الجواب الحاسم كان سيصل حتما بين الفينة والاخرى .
بعد ظهر ذلك اليوم يرن جرس الهاتف ، ترفع السماعة بلهفة لسماع الخبر...
بعد لحظات فقط تسمع ضجة كبيرة داخل المنزل ، صوت صراخ وهتاف غير مفهوم كانه تشجيعات لاحد منتخبات كرة القدم او كانه صوت اطفال صغار وهم يلعبون : "س" واسرتها سيهاجرون الى خارج الوطن !

بعد هدوء تلك الهستيريا التي عصفت عند وصول الخبر جلست "س" واخواتها يتحدثن عن الامر بهدوء مفتعل ، فقد كان وقع الخبر شديدا جدا والفرحة اللامنطقية ما زالت ترتسم على وجوههن ، ذلك المستقبل المجهول كان جميلا في غموضه والمغامرة بذاتها كانت حلوة في خيالهن ، جلسن يداعبن ذلك الحلم الوردي بشوق دون ان يعرن اهتماما للعواقب.
ردة فعل "س" واخواتها كانت عادية جدا ، فالمجتمع الذي كن يعشن فيه هو نفسه من يبتكر تلك الصورة الخرافية بخصوص "رحلة الضفتين" كما تسميها "س" ، كانت المقارنة بين الضفتين هي من تنعش داخل العقول فكرة هلامية انخدع بها كثيرون لدرجة ان هاجس الهجرة اصبح يراود كل من ضعفت ارادته امام غدر الزمان.