الخميس، 4 أبريل 2013

تساؤلات في ماهية المديح


لماذا نمدح من يعجبنا؟ 
أليس بإمكاننا الإبقاء على ذلك الأثر الجميل الذي يتركه أي إنسان بدواخيلنا؟ 
أم أننا نبوح بالمديح لغاية أكبر من المديح نفسه.. 
عندما يعجبنا لون السماء أو لون عيون قط يمر من أمام بيتنا أو صوت أذان يتسلل لمسامعنا لا نركض بالضرورة خلف القط أو عند المؤذن لنخبرهم، نكتفي بآهٍ وتنهيدة عابرة تصاحبها ربما ابتسامة ارتياح، وإحساس بسعادة عيش تلك اللحظة الخاصة..

لكن عندما يتعلق الأمر بإنسان مثلنا، نجد الكلمات الطيبة تتقاطر من ألسنتنا بغزارة، نمدح الصوت المرهف والعيون البحرية والكحيل، نمدح الفستان الأنيق وربطة العنق المميزة، نمدح تفاصيل صغيرة كالذاكرة القوية والثقافة الشمولية، والتصرفات الحميدة وأشياء كثيرة نلاحظها فنرسم سطرين تحتها، أحياناً لِنشكر من خلال المديح فنعبر عن امتنان غير مباشر، وأحياناً أخرى لِنباشر بعلاقة جديدة نجعل المديح تعليلاً لافتتاحها، ومراتٍ كثيرة نمدح هكذا بدون سبب، نمدح بعفوية كتعليق على ما نفكر به أو ما نظنه فيهم وحياتنا كلها ملئى بالظنون أو ما أسميه أنا "ملئ الخانات"، فالإنسان لا يستطيع أن يتوقف عن التصنيف وتقييد كل إنسان بخانة طبقاً لما يعرفه عنه.

ويقولون كثيراً "خاب أملي فيك" فما معنى أن يكون لك أمل في إنسان؟ القصد طبعاً هو مجرد تعبير آخر مفاده "أنك لم تتصرف كما توقعت أنا أن تفعل وذلك يضعني في موقف المخطئ الذي أساء التقدير" وعكس ذلك هو المديح، حين نرى تماما ما نتوقعه أو بالأحرى ما نحب وقوعه وربما أحيانا ما نتمنى لو كنّا نحن أنفسنا أبطال حكايته.