الاثنين، 1 أكتوبر 2012

ثروة الحياة

لو كنت أمًّا وصار لازما أن أُعَلِّم ابنتي أحد الدروس الدنيوية لقُلت لها بكل صدقٍ :
"لا شيء يبقى على حاله يا ابنتي لا شيء..."
منذ الميلاد حتى الممات لا تتوقف أجسادنا عن التغيير، نكبر وننضج، ثم نكبر فنهرم، وخلال تلك الفترة المحددة لأشخاصنا، بجانبنا من بعيد أو قريب يموت آخرون ويولد آخرون،
وتستمر اكتشافاتنا على متن الحياة، نتعلم أشياءً كثيرة ونتحرر، ثم تستعبدنا أشياء أخرى نتعلق بها كما لا ينبغي، إنها العواطف صبغة خُلقنا عليها أحيانا تسعدنا وأحيانا كثيرة ترهقنا، هي التي تجعلنا نتمنى ما لا نملك ويعجبنا وتمضي بنا إلى تملكه ثم إذا ما فقدناه تمزقت دواخيلنا حرقة،
وفي الحياة نتذوق المعرفة، معرفة الأشياء والأشخاص، نعشق ابتسامة الطفل الصغير وهو يلعب في الحديقة مع أقرانه، فتمضي الأعوام وتختفي الابتسامة البريئة، نغوص في عوالم الصداقة حيث نتعثر مرات ومرات قبل أن نجد الشخص الذي تعكس عيناه وكل حركاته صورتنا الذاتية، تلك التي أصبحنا نتمثل في هيئتها, بعد صور أخرى انسلخنا منها، تلك التي ميَّزت بيننا وبين آخرين نشؤوا وترعرعوا داخل نفس بيئتنا فتغيروا وتغيرنا وتغيرت معالم حياتنا، بغتة يسرقهم منَّا الزمن وتفاصيل أخرى لا مفر منها،
هكذا ويتغير كل شيء حولنا باستمرار، نبتعد ونقترب، نغوص ونسبح ، نغترب ونرجع، نموت ونحيا ولا يبقى إلا وجه ربنا ذو الجلال والإكرام وقد أعذر من أنذر.
ثروة الحياة في ثوراتها المتكررة، فالتغيير وإن كان عسيرا أحيانا هو غالبا خير مايمكن أن يحدث، التغيير ليس من الضروري أن يكون كبيرا دوما، إنما أجمله الذي يحدث بالهداوة شيئا فشيئا، وكل نهاية بداية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق